د/ بهاءالدين ماهر يكتب : الصِّدق..

القوس اونلاين
يُعد من أسمى الفضائل التي يمكن أن يتحلى بها المرء ، إذ يمثل الركيزة الأساسية للأخلاق والقيم..
والمرء الصادق هو من يلتزم بالحق في أقواله وأفعاله ، ويظل ثابتاً على طريق الصواب دون تردد أو ضعف ، سواء في الأوقات الميسرة أو تحت ضغط الظروف الصعبة..
والتمسك بالصدق يعني الثبات على القيم والمبادئ الصحيحة دون مجاملة أو تزييف ، فالصادق يرفض أن يتخلى عن مبادئه أو أن يخالفها تحت أي ضغط أو مغريات ، ويتمسك بالحق والصدق بثبات ، حتى في مواجهة المواقف الصعبة أو التواجد في بيئات قد تغريه بالانحراف أو الخطأ ؛ فهو يدرك أن الصدق ليس مجرد كلمات تُقال ، بل هو أسلوب حياة يتجسد في كل أفعاله.
من الخصائص المميزة للمرء الصادق قدرته على الثبات أمام التحديات والانحرافات التي قد تصادفه في الحياة ، فهو قادر على المرور بين أصحاب الزلات والأخطاء دون أن يتأثر بسلوكهم ، بل يتعامل مع تلك المواقف بتجاهل واضح ، متمكناً من قيمه ومبادئه ، فلا ينجرف أو يساكن أهل تلك الحالات ، ينأى بنفسه عن المخالفات ولا يسمح لنفسه بالتماهي مع الانحرافات ، بل يتخذ من المواقف السلبية فرصة لتعزيز ثباته ، معترضاً عن المخالفات..
والإعراض عن المخالفات يعني رفض المرء لأن ينجرف مع التيار السلبي أو أن يتأثر بالضغوط التي تدفعه لترك القيم والمبادئ ، وهذا الأمر يتطلب شجاعة وإرادة قوية ، فلا يكفي أن يكون الإنسان صادقاً في قوله فقط ، بل يجب أن يظهر هذا الصدق في كل جوانب حياته ، سواء في تعاملاته الشخصية أو المهنية ، مما يجعله مؤثراً حتى في مجتمعه.
فعندما يتمسك المرء بالصدق ويجعل منه قاعدة أساسية في حياته ، فإنَّ تأثير ذلك يمتد ليشمل المجتمع بأسره ، فالمجتمعات التي يوجد فيها أفراد يعززون قيم الصدق هي مجتمعات قوية ومستقرة ، قادرة على مواجهة التحديات والازدهار ، لأنَّ الصدق يبني الثقة بين الأفراد في المجتمع ، ويخلق بيئة من الاحترام المتبادل ، حيث يصبح من السهل تحقيق التعاون والنجاح ، بل ويعظم اللّٰه تعالى للأفراد أجورهم نتيجة صدقهم..
يقول سيدي الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي اللّٰه عنه :
يُعْظِمُ اللَّهُ الْأُجُورَ لِأَهْلِ صِدْقٍ
قَامَ بِالْقِسْطَاسِ رَبُّ الْعَالَمِينَ