محمد الأمين يكتب : رعب وهواجس امتحانات الشهادة السودانية

القوس اونلاين

 

الحمد لله والشكر لله ان امتحانات الشهادة السودانية قد مرت بهدوء وعدت دون مكروه فقد كانت الأعصاب مشدودة والقلوب واجفة والاحساس بالخطر مسيطرا على الجميع .

وكل ذلك ليس بسبب رهبة الامتحانات ولا بسبب عدم الاستعدادت الجيدة لها في ظل ظروف النزوح واللجوء والمعاناة ولكن الخوف كل الخوف كان من إمكانية استهداف الطلاب الذين يجلسون في قاعات الامتحانات في ظل هذه الحرب العبثية اللعينة التي ادخلتنا في مأذق وجودي وأصبح الكل يحاول ان ينجو بنفسه من ويلاتها.
ولأنني ولي أمر لطالب وطالبة جلسا لهذه الامتحانات فقد مررت بكل تلك الهواجس، وكنت احسب الأيام والساعات والدقائق حتى تنتهي هذه الفترة العصيبة ونخرج منها سالمين وغانمين ويحقق أبنائنا وبناتنا نتائج تستحق كل هذه التضحيات التي تستوجب الحمد والشكر للقدير.

كنت من المعارضين لقيام امتحانات الشهادة السودانية في هذه الظروف الدقيقة خاصة وان هناك عدد كبير من الطلاب لن تسمح لهم ظروفهم بالانخراط في هذه الامتحانات المهمة وذلك لعدة اسباب اهمها على الاطلاق وجودهم في مناطق سيطرة الدعم السريع إضافة إلى أن هناك مناطق ملتهبة تدور فيها المعارك على اشدها لذلك إقامة امتحان فيها سيكون ضربا من ضروب الخيال.

ولكن رفض دولة تشاد إقامة الامتحانات في اراضيها بالرغم من وجود عدد كبير من اللاجئين السودانيين بها كان أمرا صادما وكذلك رفض الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح الحلو مرور أوراق الامتحانات إلى مناطق جنوب كردفان كان أمرا محزنا كسر خاطر الطلاب في تلك المناطق فضاعف من المأساة، السبب الآخر الذي جعلني اعارض قيام امتحانات الشهادة السودانية هو هذه الظروف القاسية التي نعيشها كنازحين لا تتوفر لهم أدنى ظروف الحياة المستقرة ونعاني من أجل الحصول على لقمة العيش وتوفير المال من أجل السكن والعلاج فكيف نتهيأ لمثل تجربة امتحانات تكون فيها المنافسة غير عادلة بين ابنائنا الطلاب واولئك الذين يتمتعون بنوع من الاستقرار في المدن الآمنة.

لكل ذلك لم أكن متحمسًا لتشجيع ابنائي على الامتحانات، ولكن كغيري من أولياء الأمور الذين يولون مستقبل أبنائهم الأهمية الأكبر قبلت التحدي وقررت ان نخوض التجربة معا وكانت اول خطوة هي الأصعب وهي اقناعهم بضرورة الاستعداد للامتحانات رغم ابتعادهم عن الاجواء الاكاديمية لفترة طويلة ورغم ظروف الحرب والنزوح ومكابدة العيش ولكن استطعت اقناعهم وقمت بتنزيل الكتب من النت في اللابتوب الذي نجا معنا من الشفشفة ورغم صعوبة الأحوال استطعت توفير عدد من المذكرات ولكن الإنجاز الاكبر كان هو توفير فلاش نمبر ون الأمر الذي شجعهم اكثر لقبول التحدي .

تم اعلان حالة الطواريء واصبح الكل في خدمة الطلبة الممتحنين حتى وصلنا مرحلة ظهور أرقام الجلوس وجدول الامتحانات واصبح الأمر واقعا انتهى بخيره وشره.
والان انا راضٍ عن نفسي وعن ابنائي واسرتي على ما تم إنجازه واتمنى لهما تحقيق النجاح الذي دون شك سيكون تتويج لكل ذلك الجهد الذي بذلناه.
ولكن ما كان هذا الامر يمكن أن يتم لولا وقفة أصدقائي واحبائي معي ودعمي ماديا ومعنويا فكانوا ومازالوا خير معين واقوى سند وأروع واخلص أصدقاء فلهم مني الشكر اجزله والإمتنان. واتمنى لهم من أعماق قلبي التوفيق والسداد كما اتمنى رد جمائلهم التي يغرقوني بها.

اخيرا كان يمكن أن تكون كل الامور طبيعية ونمارس حياتنا بكل أريحية ولكن قدرنا ان نعيش هذه الظروف وندفع ثمن أخطاء غيرنا في ظل هذه الحرب العبثية اللعينة.