يوسف محمد الحسن يكتب : وداعاً الرمح الملتهب ..

تحت السيطرة

لم تكن كرة القدم السودانية لتصل إلى قمة المجد والشهرة التي تحظى بها اليوم لولا عظمة رجالٍ صنعوا تاريخها المجيد بأخلاقهم الرفيعة قبل موهبتهم الفنية، حتى صارت كرة القدم من مجرد لعبة شعبية في الأحياء إلى رياضة مُحترمة يُشار إليها بالبنان، بفضل رجال أضافوا إليها قيمة أخلاقية لا تقل أهمية عن قيمتها الفنية .

لذلك تحولت كرة القدم إلى مرآة تعكس قيم المجتمع وأخلاقه، وما كانت لتصل إلى قلوب الملايين وتدخل البيوت لولا ارتباطها بنماذج إنسانية رفيعة، أمثال الدكتور والسفير الحبيب الراحل المقيم علي قاقارين، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بموهبته وخلقه وعلمه وتواضعه الجم رغم علو مكانتة بإعتباره احد الذين اضافوا للكرة السمعة الطيبة وجعلوها مقبولة يلعبها المحترمين كيف لا ؟! لأنها ارتبطت بالمتفوقين في ساحات العلم والادب امثال فقيدنا الجليل .

لم يكن الراحل علي قاقارين مجرد لاعب كرة قدم، بل كان رمزاً للأخلاق الرفيعة والقيم النبيلة، لقد كان قدوة حسنة يجمع بين الموهبة الفنية الرفيعة والأخلاق الرياضية العالية، إلى جانب العلم والدبلوماسية، يشهد له الجميع بأنه كان رجلاً متواضعاً يحترم ويقدر الجميع، مما جعله محبوباً من الكل حتى يوم رحيله الحزين

لا شك إن أمثال قاقارين هم الذين ساهموا في تطوير الكرة السودانية وجعلوها أكبر من مجرد منافسة لتحقيق الفوز، بل جعلوها وسيلة لتعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة .

على المستوى الشخصي برحيل علي قاقارين فقدتُ صديقاً عزيزاً ومعلماً جليلاً، كان شديد الارتباط بمتابعة إذاعة المساء (101) وكثيرا ما يهاتفنا انا وصديقي عماد البشرى مشيدا ومحفزا لتقديم المزيد، واحيانا ناصحا بأدبه المعهود
برحيل الرمح الملتهب فقدت بلادنا رمزاً من رموزها الكبار و قامة شامخة يصعب ان تتكرر، عزائنا إنه رحل بعد أن ترك لوطنه وشعبه أرثاً لا يُنسى في تاريخ الكرة السودانية، بعد أن قضى حياته حريصاً على أن تبقى كرة القدم رياضة نبيلة، تجمع بين المنافسة الشريفة والأخلاق الرفيعة ليقدم لنا النموذج المثالي للقدوة، ولن نتوه عن الطريق اذا سارعنا عليه

تقبل الله فقيدنا بواسع رحمته واسكنه فسيح جناتة مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون .
وداعا الرمح الملتهب علي قاقارين إنا لفراقك لمحزونون .