أ/ عثمان العاقب يكتب : فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي

القوس اونلاين
ليست فرحة تحرير الخرطوم موضع مساومة أو تشكيك، بل انتصار للحياة على الموت، وللأمل على اليأس، إنها فرحة مدينة أنهكها الدمار وهي تحاول الوقوف من جديد. هي فرحة النازحين الذين يتطلعون إلى العودة إلى ديارهم، فرحة العامل الذي توقفت يداه عن العمل قسرًا ليجد رزقه مرة أخرى، فرحة الذين كادوا يفقدون الإحساس بالحياة فعادت إليهم الخرطوم بنبضها وصخبها المعتاد.
إنها فرحة الذين شُرِّدوا من بيوتهم، وناموا تحت الخيام في معسكرات النزوح، وفرحة الذين عبروا الحدود بحثًا عن الأمان، حين يسمعون صوت الخرطوم تناديهم من جديد، فيعودون إليها كما تعود الطيور إلى أوطانها بعد المواسم القاسية.
هي الفرحة بالأسواق التي ستفتح أبوابها من جديد، بالمواصلات التي ستعيد نبض الشوارع، بالحياة التي ستعود إلى طبيعتها، هي فرحة الكادحين الذين عاشوا على هامش حرب أذاقتهم الموت والدمار. فرحة الأمهات الثكالى والآباء المفجوعين، رغم أنها فرحة ممزوجة بالألم ومخلوطة بالوجع، لكن في تحرير الخرطوم أملٌ لتحرير كل الأرض التي دنسها العدو ، واستشراقٌ لفجر السلام القادم في كل ربوع الوطن.
أما الذين يحاولون سرقة هذه الفرحة بتحاليل غامضة وتخمينات جاهلة، فهم بعيدون عن جراح الحرب وفي أمانٍ من ويلاتها، لا يدركون أن في تحرير الخرطوم هزيمة للعدو لأنها رمزًا للوطن الذي لا يُباع ولا يُشترى.
اليوم نفرح بعودة الخرطوم وهي تستعيد أنفاسها بعد أن كانت مختنقة بصوت الرصاص والخوف والدمار والسلب والنهب. لكن الفرحة الكبرى لن تكتمل إلا بالسلام الشامل، بالحرية، بالعدالة..