أ/ عثمان العاقب يكتب : العيد واللجوء

القوس اونلاين

 

العيد في الوطن له نكهة خاصة، نكهة تنبع من دفء الشوارع التي تزدحم بالمصلين، من أصوات التكبير التي تتردد من المساجد ، ومن الأيادي التي تمتد بالتصافح والتهنئة دون أن تعرف أصحابها مسبقًا.

العيد في السودان ليس مجرد يوم احتفال، بل هو طقس ديني يذيب المسافات بين الناس، حتى الغريب يصبح قريبًا، وحتى العابر يجد مكانه في دائرة الفرح.
بعد صلاة العيد ، تبدأ رحلة المعايدات، تمر على الجيران والأصدقاء، تتبادل الدعوات التي تنبض بالحياة ( العفو والعافية ،السنة الجاية عريس ، السنة الجاية في جبل عرفات) كلمات تحمل أملًا متجددًا لكل فرد. وعندما ترجع للبيت، يستقبلك عبق القهوة بالزنجبيل ، وصواني الكعك المحشوة بالمودة قبل السكر ، تجلس وسط الأهل، تمتد الأحاديث، ويتجدد العهد بالمحبة .

أما العيد في اللجوء، فشيء آخر تمامًا. لا طرقات تعج بالمصلين، ولا أصوات تكبيرات تعانق الفجر، فقط صمت ثقيل، كأن الفرح قد فقد عنوانه. تصلي وحدك أو مع قلة من الغرباء الذين جمعتكم المصيبة قبل أن يجمعكم العيد، بلا تكبيرات تصدح من مكبرات الصوت، بلا عناق عفوي، بلا تلك الدعوات التي تمنح العيد روحه. تفتقد وجه أمك وهي تقدم لك شاي الصباح ، وتفتقد يد الوالد التي تمنحك القوة والصمود، وتكتشف أن العيد في اللجوء ليس سوى يوم آخر بلا طعم، بلا لون .

يبقى العيد في القلب، لكنه يفقد بهجته حين يُقتلع الإنسان من جذوره ويبتعد عن وطنه.