أ/ عثمان العاقب يكتب : كرة القدم تتحدث

القوس اونلاين

 

في لحظة نادرة من التجلي الإنساني، شهدت مباراة الهلال السوداني والأهلي المصري في القاهرة مشهدًا من أرقى صور التلاحم الشعبي، حيث رفعت الجالية السودانية بالقاهرة لافتة كبيرة كُتب عليها (شكرًا مصر ) وكأنها رسالة صافية، بلا وسطاء، تعبر عن الامتنان بلغة يفهمها الجميع.

وجاء الرد عفويًا من الجماهير المصرية التي هتفت بصوت واحد: (مصر والسودان يد واحدة). في تلك اللحظة، لم يكن في المدرجات مصريون ضد سودانيون، بل كان هناك شعبٌ واحد، يجمعه الاحترام، ويؤمن أن العلاقات بين الدول لا تقاس بالسياسة وحدها، بل بما يبنيه الناس من جسور الود والتقدير.

هذا المشهد البسيط في مظهره، العميق في دلالاته، يعيد إلينا الحقيقة التي قد تُطمس أحيانًا وسط تعقيدات السياسة ، الشعوب لا تحتاج سوى الاحترام المتبادل لتتوحد. لا تحتاج إلى مؤتمرات رسمية، ولا إلى اتفاقيات معقدة، بل يكفيها التقدير، لأن الشعور الإنساني الصادق لا تصنعه البيانات السياسية الجوفاء ، بل تنسجه المواقف العفوية التي تأتي من القلب.

ما حدث في استاد القاهرة هو درسٌ بليغٌ لكل من يسعى لتقسيم الشعوب أو زرع الشك بينها. فحين تسود قيم الأخوة والتقدير، يصبح المستحيل ممكنًا، وتثبت الجماهير أنها أكثر وعيًا من بعض النخب التي تحاول ترسيخ الاستعداء بين الشعوب الجوار .

ربما كانت المباراة تسعين دقيقة فقط، لكن رسالتها ستبقى: السودان ومصر، كما قال التاريخ، يد واحدة، لا تهزها العواصف، ولا تفرقها التقلبات. شكرا شعب مصر ، شكرا الجالية السودانية بمصر .