محمد الأمين يكتب : عقلية الضباحين..

القوس اونلاين

 

أذكر أنه في الألفية الجديدة بعد توقيع إتفاق سلام نيفاشا بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة العهد البائد وبعد دخول د. جون قرنق إلى القصر الجمهوري كنائب اول للبشير بموجب تلك الاتفاقية نما شعور عام لدى كثير من الكيزان والعصبجية بالغضب على بنود الاتفاقية التي تكافئ المتمرد الكافر (حسب زعمهم) الذي حارب الدولة وتنصبه نائب اول لرئيس الجمهورية …

وأذكر أنه عندما توفي د. جون قرنق في حادثة الطائرة المشئومة قامت مجموعات من المواطنين الجنوبيين على حين غرة بمهاجمة مواطنيين شماليين أبرياء وعملت فيهم ضربا قتلا وحرقا تحت ذريعة ان حكومة الشمال هي من دبرت اغتيال د. جون قرنق فيما اصطلح عليه يوم الاثنين الأسود….ولكن رد الشماليين لم يتأخر ففي يوم الثلاثاء هاجم الشماليون المواطنون الجنوبيين وقتلوهم ورموا بجثثهم في النيل وانتشرت الفوضى وسط تجاهل بل وتواطوء حكومي له أهداف سياسية خبيثة اهمها نشر الكراهية والخوف والغضب وسط المواطنين وتفريق الشقة بينهم لهتك النسيج الاجتماعي وبالطبع نجحوا في ذلك فبعد عام واحد حدث الاستفتاء وكانت نتيجته انفصال جنوب السودان.

ما اود الإشارة اليه هنا أن خطاب الكراهية وشحن البغضاء بين أبناء الوطن الواحد وموجات الانتقام والتشفي يتكرر الآن خلال هذه الحرب اللعينة بطريقة اكثر توحشا وسط دوامات من العنف الذي تخطى كل الحدود ولكن تطور العنف الآن وأصبح يقوم على ارتكاب عدد كبير من المجازر بواسطة الطرفان المتحاربان ضد اثنيات ومجتمعات معينة تنتمي الى احد الطرفين الامر الذي عقد من إمكانية التعايش السلمي مستقبلا و أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد الامر الذي سيقود إلى تقسيم البلاد مرة أخرى بعد انجلاء غبار المعركة او ربما إلى التشظي والتبدد.

الكل يعرف من يقف خلف كل هذه المؤامرات ومن الذي اطلق الطلقة الاولى ومن الذي أصر على استمرار الحرب التي تمددت جغرافيا ونفسيا ومعنويا حتي هيأت الظروف لحرب الكل ضد الكل واصبحت إمكانية التعايش والقبول اشبه بالمستحيل.

ان العقلية التي خططت ودبرت للوصول إلى هذه النهايات هي نفس العقلية التي استنكرت نتائج إتفاق نيفاشا وهي نفس العقلية التي دفعت إلى الاثنين والثلاثاء الاسودين وهي نفسها التي تقود السودان الان الى سنوات كالحة السواد.