يوسف محمد الحسن يكتب : لابخور لا أرض لا جمهور!!

تحت السيطرة

خرج الهلال من معترك دوري أبطال أفريقيا، خبرٌ نزل كالصاعقة على قلوب الأنصار الذين داعبوا خيال الوصول إلى أبعد نقطة في هذه البطولة المرموقة، لكنهم تجرعوا شعور الحزن الذي خيم على الأجواء مخلفًا إحساسًا يتملكنا جميعًا بالمرارة، فبعد أن إرتفعت الطموحات، آلت الأمور إلى غير ما اشتهت الأنفس، فما أصعب على الإنسان أكثر من ضياع أحلامه

علامات استفهام كبيرة تدور في الأفق، وأسئلة ملحة تطرح نفسها، هل كانت أحلامنا من البداية واقعية؟ هل تجرأنا على تخيل المضي قدمًا ونحن نفتقد نصف قوتنا الضاربة، أعني هنا الأرض التي تشهد صولاتنا وجولاتنا، والجماهير التي تهز المدرجات بآهاتها وتشعل الحماس في الأوردة؟ أضف إلى ذلك غياب الدوري الرسمي الذي أفقد الفريق حساسية المباريات ونسقها، أم أن الواقع المرير يصرخ في وجوهنا ليؤكد في حقيقة الأمر أن الخروج هو القاعدة للأندية السودانية، وأن ما عداه كان مجرد ومضة أمل عابرة في مرات محدودة لا تخرج عن سياق الصدفة المحضة؟

لا يخفى على أحد أن سهام النقد كانت مجهزة منذ زمن بعيد صوب المنظومة الزرقاء، تنتظر اللحظة الحاسمة للانقضاض على المجلس والإدارة الفنية واللاعبين، وكأن الهلال ظل يحتكر الأميرة الأفريقية عامًا بعد عام ولم يعرف طعم الإقصاء إلا في عهد هذه المجموعة، يا له من ترصد منحط لا يأتي إلا من نفوس مريضة ومنطق أعوج لا يتعبه إلا البلهاء السذج

دعونا للحظة، نتجرد من عاطفة الهزيمة وننظر إلى الصورة بإنصاف، فريق يفتقد معقله الذي اعتاد عليه وجماهيره التي تمثل الوقود الروحي للاعبين، ويعيش بعيدًا عن أجواء الدوري الرسمي، ومع ذلك يقاتل بشراسة ويصل إلى ربع نهائي أعرق البطولات الأفريقية، ويخرج في نهاية المطاف أمام حامل اللقب! ألا يستحق هذا الفريق وقفة تقدير؟ هذا طبعًا لو كنا نقيس الأمور بميزان المنطق المتجرد وليس الترصد الأرعن

لو تحلينا بقليل من الواقعية لأدركنا أنه وقياسًا بالظروف المعلومة، لم يكن بالإمكان أفضل مما كان في ظل هذه الظروف القاهرة، ففي زمن الحرب، تبقى البطولة الحقيقية هي التواجد بشرف، هكذا يقول الواقع لمن يتحلى بالتجرد وينظر بعين المنطق
في الحقيقة أن الأندية السودانية ظلت في الظروف الطبيعية أسيرة للخروج المتكرر من البطولات القارية، ناهيك عن الظروف التي نعيشها الآن، ولكن أن يتحقق هذا الإنجاز في خضم حرب ضروس تعيشها بلادنا، وفي ظل فقدان الفريق لعاملي الأرض والجمهور، فإن ما تحقق فهذا هو الاستثناء الذي يستحق الاحتفاء، وهو في حقيقة الأمر بطولة من نوع آخر تجسد الصمود والتحدي في وجه الصعاب

هذا هو الواقع لمن يريد ان يراه كما هو، ومع ذلك الحق مكلفول لكل الآرآء، لكن يجب الا ننسي اننا توقفنا عند هذه المحطة طويلا ورددنا مثل هذا الكلام كثيرا (تحميل الإدارة، مهاجمة المدرب، التحسر علي غياب لاعب وهكذا) و رغم تغيير الاشخاص الا ان النتائج لم تتغيير مما يؤكد اننا لم نصل بعد الي مرحلة التقويم الامثل، وما نردده هو مجرد تهريج لا اكثر، بدليل ثبات النتائج

ختامًا، لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لمجلس إدارة نادي الهلال ولجهازه الفني والإداري ولكل لاعب بذل قطرة عرق وجهد في سبيل تمثيل الوطن وتشريف شعاره في هذه الظروف العصيبة، لأن ما تحقق ليس بالأمر الهين، وجهودكم ستبقى محفورة في ذاكرة كل محب لهذا الكيان العظيم، لقد قاتلتم بشرف ورفعتم الرأس عاليًا في وجه التحديات، لكم منا كل التقدير والإحترام

وخالص التحايا العطرة لجماهير الهلال الوفية التي ظلت ملتفة حول فريقها دون ان تتأثر بالظروف العصيبة فاي عظمة اكثر من ذلك،

بالتوفيق لهلال الملايين في كل خطواتة يا رب العالمين

باص قاتل
ويبقى الهلال عاليا في السماء وغيره مرميا في الارض لا يسوي!!