يوسف محمد الحسن يكتب : من أمان القاهرة إلى لهيب السودان۔۔قصة الضرس الذي طحن الغدر وزرع الأمل!!

تحت السيطرة

كثيرة هي الحكاوي المؤثرة التي تجسد بطولات جيشنا وشعبنا ما اكثرها وما اعظمها، ولكني اروي لكم ما عايشته بنفسي لقصة بطولية لاحد شباب السودان الاخيار
بحكم تواجدي في القاهرة التي تتمازج فيها ألوان الحياة، لفت نظري شاب سوداني سمته الوقار وعلاقته بإبنته الوحيدة حكاية أخرى تروى، كان إصطحابه لها وملاعبته إياها مشهداً يشي بعمق الرابطة الأبوية، وكأن البعد بينهما ضرب من المستحيل

ذات مساء، وبينما نتجاذب أطراف الحديث عن السودان، فاجأني هذا الشاب بآراء سديدة وتحليل عميق لأوضاع بلاده، إهتمام بالغ بكل صغيرة وكبيرة، غلبني الفضول الصحفي فتوالت أسئلتي، لأكتشف جانباً آخر من شخصيته النبيلة، علمت أنه دائم التردد على المستشفيات، يتفقد جرحى الحرب ويسخر ماله وعلاقاته في سبيل علاجهم وتضميد جراحهم
ومع اشتداد وطأة الحرب وتأخر تحرير الخرطوم، حدث ما لم يخطر ببالي، هذا الأب الحنون الذي لا يفارق ابنته لحظة، شد الرحال عائداً إلى السودان تاركاً خلفه دفء الأسرة وأمان القاهرة، ليقف في الصفوف الأمامية للمدافعين عن الوطن، وعندما اتصلت به اسمعني كلمات كانت قوية الدلالة راسخة المعنى (بنات السودان كلهن أخواتي وبناتي، كيف لي أن أكون بعيداً والبلد في خطر)

لم يكتفِ هذا الشاب النبيه بالإلتحاق بصفوف المقاومة الشعبية في عز الحرب، بل ذهب أبعد من ذلك فبعد ان ترك الحياة الرقدة الآمنة بطوعه و اختياره كمثل ما يفعل الفرسان قام بجمع الشباب المستنفرين، ووضع نفسه في مقدمتهم، قائداً وملهمًا في الدفاع عن الأرض والعرض، ولم تتوقف تضحياته عند هذا الحد، فقد حرك آلياته الخاصة نحو مناطق التعدين في مبادرة فريدة وعبقرية هدفها توفير المال لدعم المجهود الحربي، فأي عظمة تضاهي ما فعله هذا البطل؟

إنه الأخ البطل المجاهد اسماعيل الضرس الذي جسد أروع معاني التضحية والفداء، وهزم بصلابة عزيمته وبسالة الرجال مليشيا الغدر واوردها الهلاك
# إن بلداً ينجب رجالاً من طينة الأخ إسماعيل الضرس لن تسقط له راية، ويا ويل الجنجويد من الضرس الذي طحنهم طحن (العيش الدقاق!)

لم تتوقف مسيرة العطاء عند حدود ساحات القتال، فقد تحرك الأخ إسماعيل من أوائل الذين قادوا حملات إعمار أم درمان، وبجهوده المعلنة و الخفية عاد الكثير من الأسر إلى ديارهم، يفعل الخير بصمت ويؤثر العطاء في الخفاء

حفظك الله أخي إسماعيل الضرس، وأمد في أيامك سنداً للبلاد والعباد، أنت كالغيث تنفع أينما حللت، وقامة شامخة في الزمن الصعب