عمسيب العوض يكتب : عبد المنعم شجرابي… شجرة باسقة في فضاء الإعلام السوداني

القوس اونلاين

 

يُعد الإعلام السوداني فضاءً مترعًا بالخيرات، شاهداً على مسيرة طويلة من الإبداع في مجالات الصحافة والإذاعة والتلفزيون، التي سطرت بحروف من نور صفحات تاريخ بلادنا المجيد. من هذا الفيض الإعلامي، كان لي نصيب امتد لما يقارب الخمسة عشر عامًا، وهي (خبرة مبتدئين عند كثير من أساتذتنا)، خبرة صقلتها الأيام وعززتها التجارب بين جنبات المؤسسات الإعلامية.

وفي رحلتي الطويلة عبر دروب الإعلام، سعدت وشرفت بأن أكون يومًا ما رفيق درب وزميل عمل للأستاذ الجليل واستاذ الأجيال عبد المنعم شجرابي، هذا الاسم الكبير في عالم الصحافة، الذي اتسم بأسلوبه المتفرد، السهل الممتنع، الذي لا يشبه إلا نفسه.

ورغم الشهرة العريضة التي لازمته أينما حل وارتحل، ظل شجرابي مثالاً يُحتذى في التواضع الجم، والمربي الفاضل الذي لم يبخل يومًا علينا بالمعرفة والتوجيه، مقدماً لنا علمه بإسلوبه البسيط المحبب، الذي كان أحد أسرار المحبة الجارفة التي يحظى بها بين تلاميذه وزملائه ومتابعيه.

يحدثك فلا تمل حديثه، وينصحك فتجد النصح مشبعًا بالصدق والخبرة، يدفعك للأمام دون أن تشعر بثقل التوجيه أو وعظ المعلمين التقليديين.

وبعد أن تفرقت بنا السبل، ظل أستاذنا العزيز وفيًّا بسؤاله واتصالاته، لم تنقطع محبته ولا مداخلاته الطيبة، فكان حبيبنا الذي أخذ من اسمه الظل الذي نتفيأ به، والثمر الذي اتخذناه زادًا في مشوار الأيام الكالحات.

لقد بقيت هذه الشجرة الإعلامية الوارفة خفيفة الظل (كثيفة الضل) ، وكنا كما قيل (نلقى حجراً تلقى ثمراً مقدار قساوتنا معطاء يا روعة هاتيك الشجرة).

إن قامة بحجم عبد المنعم شجرابي، لو كانت في أي بلاد أخرى، لنالت ما تستحقه من تقدير رسمي وتبجيل واسع، لكن يكفيه فخرًا محبة الناس له، والتفاف الشعب السوداني حوله، وقد طوقه بأكاليل الورد وعرفان القلوب.

ويكفيه عشق أهل المريخ له قبل الهلال، فهو الخصم النبيل، الذي لا يفجر إذا خاصم، وكان دائمًا من دعاة (نختلف في الميدان وفي الحلة إخوان)، مجسدًا أسمى معاني الروح الرياضية والإنسانية.

ختامًا، إن هذا الهرم الإعلامي العظيم يستحق منا جميعًا وقفة تقدير وتكريم، نظير ما قدمه، وما زال يقدمه، للصحافة والإذاعة والتلفزيون السوداني، فقد أضاء دروبنا علماً وأدباً وإنسانية.