عماد ابوشامة يكتب : رد فعل.. رحلة إلى أرض الموت والدمار.. (2)

القوس اونلاين
الدكتور عبدالعظيم عبدالله احد اصدقائي بالفيسبوك ارسل لي رسالة بعد نشر الحلقة الأولى يقول فيها (تمنيت لو كان عنوان المقال : رحلة إلي أرض الصمود والكرامة بدلاً من رحلة إلي أرض الموت والدمار . لأن المقام مقام انتصار ، أما الحديث عن الدمار والقتل فيأتي لاحقاً .) وقد تبني الدكتور عبدالعظيم موقفا عاطفيا وربما وطنيا اقدره واقف إلى جانبه فالصمود الذي اظهرته عاصمة البلاد أمام أكبر َواعنف واغرب غزو يشهده تاريخ الحروب على الإطلاق لم يحدث خبط عشواء وإنما كان نتاج عزيمة شعب فريد تمثل وتجسد في رجالات القوات المسلحة والقوات المساندة لها بكل اطيافها واتجاهاتها..
ليت مدونو التاريخ لايمرون عند هذه اللحظة مرورا سريعا فهو بخلاف موقعة كرري بكل بشاعة ما حدث فيها ولا شيكان بكل زخمها و لا حتى تحرير الخرطوم ومقتل غردون باشا وبداية عهد المهدية وتاريخها المزور.. لا أدري كيف يصنف التاريخ ويضع في أي خانة احتلال الخرطوم وخنقها بتلك الطريقة من مليشيا قبلية جبارة حتى كاد سكانها أن يفقدوا الأمل في استعادتها وعودة الأمان والاستقرار إليها مرة أخرى.
التجوال في أرض ومدن وشوارع كان يتجول فيها يأجوج ومأجوج و بقال والجوفاني وعمر جبريل وودملاح وكل أبواق اعلام المليشيا الزائفة وقاداتهم الوهمية قواتهم الهمجية يمارسون غرورهم وصلفهم في وجه الشعب السوداني المشرد في كل بقاع الأرض مع كل صباح ومساء يبثون تحديهم الاجوف بأن هذه الأرض أصبحت لهم وأنهم لن يتزحزحوا عنها قيد أنملة.. كنت اقول ان التجوال فيها يزيد من نشوة النصر التي عمت القلوب يوم ان اجتاح الجيش السوداني العاصمة في وضح النهار وحررها شبرا شبرا بقوة واقتدار.. وان بقيت منها بضعة أمتار في غرب امدرمان تمثل نقص القادرين على التمام نتمنى أن لا يتأخر اكماله لأن أعيننا هناك في دارفور الجرح الغائر الذي يستوجب علاجه ونضافته بعناية فائقة لا يتجدد بعده نزفه على مر الحقب القادمة بإذن الله .
إذا عدت بكم إلى وصف الأجواء في الخرطوم بعد تحريرها ونحن نتجول في أجزاء واسعة منها رغم أن التجوال كان سريعا ولكن مشاهد الدمار والخراب كانت مؤلمة فهؤلاء الاوباش لم يتركوا مكانا دخلوه دون أن يضعوا عليه بصمة غلهم وحقدهم إمعانا في احساسهم الداخلي أن هذه الأرض لن تكون لهم في يوم من الايام.. على مدى عامين توسعت مساحة ممارستهم الغبية في كل حي من أحياء مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري وجزء من أحياء امدرمان.. المكان الذي لم يسرقوه أو عجزوا عن نقل محتوياته دمروه بلا رحمة.. ولكن لاحظت أن الحي الذي كان يكثر وجودهم فيه و يسكنونه باسرهم مثل حي المعمورة مثلا أقل نصيبا في الدمار والخراب بعض المنازل لم يطالها ذلك ربما غادروها على عجل يوم ان هربوا فزعين والجيش يضيق عليهم الخناق في العاصمة ..
دخلنا مدرسة خاصة هناك (في المعمورة) كان يهم أمرها مرافقي المهندس معاوية يس، علمنا أن الغفير لم يغادرها لحظة ومعه أسرته.. وهذه المدرسة لم تنقص منها طبشيرة واحدة رغم أن جدرانها مرصعة بمكيفات الفريون والاسبلت الغالي ثمنها وأشياء كثيرة قيمة تكتظ بها حجراتها حتى أن آخر درس للطلاب قبل نشوب الحرب كان لا يزال على السبورة بتاريخه ١٣ أبريل.. عزا معاوية ذلك إلى أمانة غفيرها ولا ادري هل كانت تجدي الأمانة شيئا أمام جبروت جنود المليشيا الذين لا يرحمون متى ما رغبوا في اخذ شيء وسرقته .. وربما في الأمر سر آخر لم نتوقف كثيرا لبحثه والوقت ليس مناسبا ولا يسعف.
مؤكد أن السيارات التي سرقت وعبرت إلى دارفور ومنها إلى خارج البلاد بلغت عشرات الالاف ولكن ارتال السيارات المحروقة المنهوبة في شوارع الخرطوم لا يتصوره بشر ..تجدها مكومة بطريقة تبدو غريبة.. هذا غير المتناثرة على جوانب الطرق.. أكثر ما يحيرك لماذا تم حرق أغلبها بشكل كامل مع انها سيارات تبدو جديدة وحديثة الموديل.. أحد جنود الجيش قال لنا اغلب هذه السيارات تم إطلاق الرصاص داخل خزان وقودها لتشتعل وتحترق ولم يستطع أن يفسر لنا سبب هذا السلوك الغريب غير الانتقام.. إعداد كبيرة أخرى نهبت تماما.. وتركت كالهيكل العظمى الذي تحلل لحمه.
وقد فضل ناهبوها اسبيراتها التي يمكن التصرف فيها بسرعة دون مسؤولية
مسؤولية الدولة والشرطة ان تعرف اين تباع هذه الاسبيرات
ماحدث للمباني ومساكن المواطنين و صفه يحتاج إلى حلقة قائمة بذاتها.