محمد الأمين يكتب : تعدد وتنوع الفرص رغم الآم الجراح

القوس اونلاين

 

لاتزال الحرب السودانية تتمرحل وتنتقل إلى صيرورة مختلفة وجديدة اكثر قسوة و لها شكل ومضمون يختلف عن المرحلة التي تسبقها ولكن تتفق جميع مراحلها في انها تؤذي الإنسان السوداني وتهدد حياته وتخرب حاضره وتدمر مستقبله دون أن يكون له ذنب فيما يحدث فلا هو تسبب في إشعال الحرب ولا طالب باستمرارها، وكأن الحرب قد وجهت ضده هو بالذات وضد مقدراته وممتلكاته ومقتنياته فكان الحصاد حتي الان مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين ومئات المليارات من الخسائر المادية وسنينا ضوئية من الخسائر المعنوية والانتكاسات النفسية ولا زالت رحى الحرب تدور وتطحن كل ما ينتمي إلى هذا الوطن العزيز.

وكما هو معلوم فإن الحرب دخلت منذ فترة ليست بالقصيرة مرحلة استخدام المسيرات الانتحارية التي تنفجر عند ارتطامها بأي جسم صلب ولكن في هذه المرحلة الجديدة أصبحت المسيرات اكثر فتكاً بعد أن أضيفت لها المسيرات الاستراتيجية التي تضرب اهدافها بدقة عالية ومن علو بعيد مرتفع لذلك اتسعت دائرة التدمير وزادت رقعة الحرب حتي وصلت إلى  العاصمة البديلة بورتسودان وتسابقت المسيرات في حملات القصف والتدمير فلم تسلم بنية تحتية او مؤسسة حكومية او خاصة او مرفق خدمي والا نالته يد الدمار والخراب بعد سلسلة من الانفجارات الضخمة التي ترعب المواطنين وتصادر أحلامهم في العيش في هدوء وأمن وسلامة.

لاتزال هنالك فرصة للعودة إلى العقل والقبول بهدنة طويلة يتم خلالها استئناف التفاوض والاتفاق على حماية المدنيين وايصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها كمرحلة أولى …. ولاتزال هناك فرصة لارساء قواعد السلام والانتقال إلى مرحلة جديدة تخفض فيه البنادق وتعلو فيه مظاهر استتباب الأمن و الاستقرار ….لا تزال هناك فرصة لتلبية حوجة المواطن البسيط في الاحساس بالأمن والأمان وممارسة حياته بشكل طبيعية دون خوف أو وجل.

لاتزال هناك فرصة لاستئناف دورة الحياة من جديد وذلك بفتح المدارس والمستشفيات وتحريك عجلة دولاب العمل وفتح الأسواق وحركة المواصلات وانتشار رجال الشرطة للحفاظ على الأمن.
لاتزال هناك فرصة لدمج الجيوش والمليشيات المنتشرة في جميع أنحاء السودان في جيش وطني واحد ذو عقيدة قتالية وطنية.
لاتزال هناك فرصة لجلوس كل القوى السياسية الوطنية (عدا المؤتمر اللاوطني وواجهاته) والاتفاق على صيغة حكم انتقالي تعقبه انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليا.

لاتزال فرصة الحلم بوطن واحد عنوانه دولة المواطنة التي تسع الجميع بكل اشكال التعدد والتنوع والاختلاف وقبول الآخر والتعايش السلمي….لاتزال كل تلك الفرص قائمة رغم آلام الجراح.