يوسف محمد الحسن يكتب : لما تكون غلطاتك مغفورة.. أين الكورة؟!

تحت السيطرة

لاينكر أحدٌ الأدوارَ الكبيرةَ التي يقومُ بها الأخُ عبد المهيمن الأمين والكفاءةَ العاليةَ التي أثبتَها خلالَ الفتراتِ الممتدةِ التي عملَ بها في دائرةِ الكرة
إلى جانبِ التميزِ في العملِ، يتمتعُ الأخُ عبد المهيمن بأخلاقٍ رفيعةٍ مكّنتْهُ من نيلِ ثقةِ واحترامِ الأهلّةِ الذين لم يتفقوا على رجلٍ بمثلِ ما اتفقوا على ابنِ بلدتي (كوستي الحبيبة) الأخِ عبد المهيمن الأمين .

في كرةِ القدمِ، عندما تقومُ بعملك على الوجهِ الكاملِ لن يذكرَكَ أحدٌ، لأنَّ الجمهورَ يتعاملُ على أنَّ هذا هو الطبيعيُّ، ولكن عندما تقعُ في خطأٍ فإنَّ الجميعَ ينسى ما قمتَ به ويركزُ على الخطأِ وكأنكَ لم تعملْ شيئًا من قبل

لكنَّ كلَّ هذا لن يمنعَنا من تحميلِ الأخِ مديرِ الكرةِ مسؤوليةَ الخطأِ الذي وقع فيه مؤخرًا، رغمَ إيمانِنا بأنَّ الخطأَ واردٌ في أيِّ عملٍ بشريٍّ، ولكن في حقيقةِ الأمرِ، الهلالُ نادٍ كبيرٌ ولا يليقُ به أن يتعثرَ بمثلِ هذه الهفواتِ!

مع تقديرِنا الكاملِ للأخِ مديرِ الكرةِ بالنادي، الرجلِ الذي لا نشككُ في إخلاصِهِ وتفانيهِ، إلا أنَّ ما حدثَ يظلُّ غيرَ مقبولٍ ولا يمكنُ التغاضي عنه، كيف لنا أن نطالبَ اللاعبينَ بالانضباطِ والالتزامِ، وأن نحاسبَهم على أخطائِهم، بينما يمرُّ مثلُ هذا الخطأُ الإداريُّ مرورَ الكرامِ دونَ مساءلةٍ أو حتى توضيحٍ؟
إذا أخطأ مديرُ الكرةِ ولم تتمَّ محاسبتُه فبأيِّ منطقٍ سنحاسبُ اللاعبينَ إذا ما ارتكبوا أخطاءً؟

في رأيي أنَّ ثقافةَ تمريرِ الأخطاءِ وعدمِ المحاسبةِ هي خطأٌ أكبرُ من الخطأِ نفسِهِ، لأنَّ هذه الثقافةَ ستعملُ حتمًا على تقويضِ أيِّ محاولةٍ جادةٍ لبناءِ فريقٍ قويٍّ ومنضبطٍ، فريقٍ قادرٍ على اعتلاءِ منصاتِ التتويج
الكلُّ يعرفُ أنَّ فرقَ البطولاتِ تعملُ بمبدأِ الثوابِ والعقابِ، لأنه الركيزةُ الأساسيةُ لأيِّ منظومةٍ ناجحةٍ، فمثلما نالَ الأخُ عبد المهيمن حظَّهُ من الإشاداتِ في أوقاتٍ سابقةٍ، نؤكدُ هنا أنَّهُ لا يمكنُ لأيِّ فريقٍ أن يتقدمَ خطوةً واحدةً نحو تحقيقِ البطولاتِ والألقابِ دونَ أن يفرضَ سياسةً واضحةً للحسمِ والانضباطِ على جميعِ المستويات

الأمرُ لم يتوقفْ عندَ هذا الحدِّ، فالأخُ عبد المهيمن مطالبٌ اليومَ قبلَ الغدِ بتقديمِ اعتذارٍ واضحٍ وصريحٍ لجماهيرِ الهلالِ الوفيةِ، هذا الجمهورُ الذي يقفُ خلفَ ناديهِ في السرَّاءِ والضرَّاءِ، هذا الجمهورُ يستحقُّ احترامًا وتقديرًا، لأنَّ الصمتَ في مثلِ هذه المواقفِ يُعدُّ استهانةً بمشاعرِهم وتجاهلًا لحقِّهم الأصيلِ في معرفةِ الحقيقةِ وتحمّلِ المسؤوليةِ، وهذا الصمتُ بلا شكٍّ يقلقُهم بشأنِ ما يحدثُ في مستقبلِ ناديهم

صحيحٌ أنَّ الخطأَ جزءٌ من الطبيعةِ البشريةِ ويقعُ فيه الجميعُ، ولكنَّ غيرَ المقبولِ على الإطلاقِ هو غيابُ المحاسبةِ وعدمُ صدورِ اعتذارٍ واضحٍ من مديرِ الكرةِ، لأنَّ هذا التجاهلَ يُرسلُ رسالةً سلبيةً للغايةِ إلى اللاعبينَ والقاعدةِ الجماهيريةِ، مفادُها أنَّ أخطاءَ مديرِ الكرةِ ليست بذاتِ أهميةِ أخطاءِ اللاعبينَ، وهو ما يخلقُ حالةً من عدمِ الثقةِ والاستياءِ في صفوفِ الفريقِ وأنصارِه.

ما حدثَ يجبُ أن يُعتبرَ درسًا يجبُ أن يتمَّ التعاملُ معهُ بجديةٍ ومسؤوليةٍ، ولا يمكنُ بأيِّ حالٍ من الأحوالِ تبريرُ هذا الخطأِ أو التقليلُ من شأنِهِ، بل يجبُ أن تكونَ المحاسبةُ هي العنوانَ الأبرزَ للمرحلةِ القادمةِ، مع وضعِ آلياتٍ واضحةٍ وصارمةٍ لتفادي تكرارِ مثلِ هذه الأخطاءِ في المستقبلِ، فالهلالُ ليس مجردَ نادٍ، بل هو مؤسسةٌ رياضيةٌ عملاقةٌ، ومن العيبِ أن يقعَ في مثلِ هذه الأخطاءِ التي تهزُّ صورتَهُ وتؤثرُ على مسيرتِهِ، وجماهيرُهُ العظيمةُ تستحقُّ كلَّ الاحترامِ والتقدير.

إنْ كنَّا حقًا نريدُ العملَ بإحترافيةٍ عاليةٍ لبناءِ فريقٍ قادرٍ على حصدِ البطولاتِ والألقابِ، فلا بدَّ أولًا من الاعترافِ الصريحِ بالخطأِ وتحمّلِ المسؤوليةِ كاملةً، ومن ثمَّ وضعِ المعالجاتِ الجذريةِ لضمانِ عدمِ تكرارِه
نؤكدُ مجددا أنَّ فرضَ مبدأِ الاعتذارِ أو المحاسبةِ لا يعني التقليلَ من قدرِ أحدٍ، بل على العكسِ تمامًا، هو يرفعُ من قدرِ الجميعِ ويبرهنُ أنَّ المنظومةَ تسيرُ في الاتجاهِ الصحيحِ، وأنَّ الجميعَ سواسيةٌ أمامَ مبادئِ النادي وقيمِه

ويبقى الأخُ مديرُ الكرةِ محلَّ ثقةٍ وتقديرِ الأهلّةِ، ولكن عليهِ أن يردَّ الاحترامَ الذي يجدُهُ من الجميعِ بتقديمِ اعتذارٍ يرفعُ من قدرِهِ ويحافظُ به على مكانتِهِ الرفيعةِ مهنيًا وأخلاقيًا

باصٌ قاتلٌ
إعتذارٍ رقيق ضروري لمصلحة الفريق!!