يوسف محمد الحسن يكتب : لجنة الإنضباط تشيع الإنضباط!!

تحت السيطرة
في مشهد عبثي جديد يُضافُ إلى سجلات الكرة السودانية، عادت لجنة الإنضباط المنتخبة بالاتحاد السوداني لكرة القدم لتثير المزيدَ من علامات الاستفهام حول استقلاليتها ونزاهتها، ففي اجتماع عقدته الأربعاءَ الماضي، وبرئاسة نائب الرئيس الأستاذ عادل عبد المتعال وبحضور بقية الأعضاء، اتخذت اللجنة قرارًا سريعًا بقبول طلب السيد الشاذلي عبد المجيد بإسقاط ما تبقى من عقوبته.
قد يبدو الأمر عاديًا للوهلة الأولى قرارًا روتينيًا تتخذه لجنة مخولة بذلك، لكن بالنظر إلى توقيت هذا القرار تحديدًا هو ما يكشف المستورَ ويضعنا أمام حقيقة دامغة مفادها ان (الإنضباط) في قاموس هذه اللجنة مجرد كلمة لا تمت للواقع بصلة، فعندما يتحول شخص من مدان إلى برئ بمجرد تحالفه مع قادة الإتحاد يعني ان الإنضباط في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه
للتذكير، فقد صدرت العقوبة بحق الشاذلي في أوج الخلافات العاصفة التي ضربت أروقةَ الاتحاد السوداني ومجموعة النهضة التي يساندها رئيس إتحاد الخرطوم الاخ الشاذلي عبد المجيد، تلك الصراعات بين الجناحين المتناحرين التي استمرت طويلا، ولكن بعد طول انتظار لاحت في الأفق بوادرُ اتفاق بين الطرفين، وجاء مؤخرا الاتفاقُ الذي هللت له الأوساط الرياضية و لكن هاهي حقيقتة المخيبة للآمال قد بانت سريعا بالقرار الفاضح
قبل ان يجف مداد حبر الإتفاق الأخير عادت لجنة الانضباط في نفس الأسبوع لتعلن عن قرارها بإلغاء العقوبة عن الشاذلي في مشهد فاضح يؤكد أن العقوبة في الأساس هي عقوبة كيدية اتخذت بناء على موقفه الذي لم يرضي قادة الاتحاد حينها، وعندما تغير الموقف تمت (السمكرة) سريعا بنجاح!
حقيقةً، لا نملك تفاصيلَ الحيثيات القانونية التي استندت إليها اللجنة في رفع العقوبة، لكن ما يثير التساؤلُ عما إذا كانت هناك حيثياتٌ أصلًا للعقوبة نفسها!، والمتأمل لتوقيت فرض العقوبة، في ظل الصراعات المعلومة، والناظرَ بدقة إلى توقيت رفعها يدرك تمام الإدراك أن لجنة الانضباط باتت أبعدَ ما تكون عن مفهوم الانضباط، وأن أعضاءها ليسوا سوى موظفين ينفذون الأوامرَ (حسب الطلب)!
لقد بات من الواضح كالشمس في رابعة النهار أن قادة الاتحاد هم من يحركون خيوطَ قرارات لجنة الانضباط. فعندما لا يرضى هؤلاء القادةُ الكرام عن شخص يتم معاقبته، وعندما تتغير التحالفاتُ وتتبدل المواقفُ، تسقط العقوبة بهذا الشكل الفاضح الذي لا يحترم عقولَ الرياضيين
بهذا الفعل، تكون لجنة الانضباط قد شيعت نفسها إلى مثواها الأخير، وأثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنها تعمل وفق أهواء قادة الاتحاد، وأنها لا تمت للقوانين واللوائح بأي صلة، وأن أعضائها مجرد أدوات طيعة في يد قادة الاتحاد
وتبقى الحقيقةُ المُرة، أن كلا المجموعتين المتصارعتين على حكم الاتحاد بعيدتان كل البعد عن الدرب السليم، فلو كانت المجموعة الحاكمة تحترم نفسها ومباديء العدالة لما لجأت إلى فرض عقوبة كيدية على الشاذلي في وقت سابق، ولما سارعت إلى رفعها عندما تغيرت الأوضاعُ وأصبح متوافقًا معها!
ولو كان الأخ الشاذلي ورفقائه يضعون مصلحةَ الكرة السودانية نصب اعينيهم حقًا، لما وضعوا يدهم في يد مجموعة تعمل بهذه الطريقة المشبوهة والبعيدة كل البعد عن مصلحة الكرة السودانية
الوضع الراهن يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المجموعتين تبحثان عن مصالحهما الضيقة، ولا يهمهما أي شيء آخر سوى تحقيق المكاسب الذاتية، وأن النظم والقوانينَ ما هي إلا شعارات جوفاء تُرفع عند الحاجة، وتُطوى عند إنتفاء الغرض!
أما لجنة الانضباط التي تعمل حسب الطلب، فقد وضحت بما فيه الكفاية أنها بعيدة كل البعد عن جوهر الانضباط، وأنها أصبحت مجرد أداة لتصفية الحسابات وتنفيذ الرغبات، وهو ما يهدد بتقويض أسس العدالة والنزاهة في رياضتنا السودانية، فإلى متى سيستمر هذا العبث؟ وإلى متى ستظل هذه اللجنة شاهدَ زور على تغييب الحقائق وتكريس ثقافة لي الأذرع في رياضتنا؟
هذه الواقعة وحدها تكشف بوضوح أن كلا المجموعتين غير جديرتين بأمر إدارة الكرة السودانية، ولا خيرَ مطلقًا إذا اتفقا أو اختلفا، وينطبق عليهم المثلُ الشهير، إذا اتفق الساسةُ أكلوا المحصولَ، وإذا اختلفوا أفسدوا الزرعَ!
كان الله في عون الكرة السودانية
باص قاتل
رفع العقوبة كشف أن الإنضباط مجرد أكذوبة!!