آمنة حسن تكتب.. نقطة ضوء

شرف الكَلِمة
الكلمة هي مسوؤلية وأمانة لدى كل كاتب أو شخص يخاطب الآخر ، بها نستطيع بناء الأوطان أو تدميرها بها نرفع الوعي وعبرها نزرع الجهل في العقول، والصدق روح هذه الكلمة فالإعلامي الكاذب يضلل، والسياسي الكاذب خائن.
وما حدث ولايزال في حرب السودان كان أسوأ استغلال للكلمة عبر الحملات الإعلامية المضللة والكاذبة بين طرفي النزاع، وهذا بدوره أسهم كثيرًا في إخفاء الحقائق وطمسها وجعل الشعب كله في حيرة من أمره، وهو ما دفع بالكثيرين إلى الجلوس على مقاعد المتفرجين ومنهم إعلاميين وصحفيين كان المنوط بهم القيام بعملهم ودورهم الذي اختاروه لأنفسهم، واعتقد أن قرارهم كان صائبًا على المستوى الشخصي في المحافظة على براءة أقلامهم وهي رأس مالهم وسلاحهم الذي وضعوه بجانبهم حتى تتضح الرؤية. لكن المؤسف في الاتجاه الآخر هو سقوط بعض الأقلام التي انجرفت خلف هذه العاصفة وساهمت في فوضى التصريحات وتضارب الأخبار من هنا وهناك وجعلت المواطن يقرأ دون أن يفهم ويشاهد دون يستوعب.
وقد استخدمت الكلمة في الصراعات الدولية عبر التأثير على الوعي الجمعي للشعوب، واختراقها عبر تكنولوجيا الإعلام المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي، وخطط الاستلاب الثقافي، لكن القيادات السياسية في الدول التي لها إرادة وطنية قوية يمكنها التصدي لهذا الزيف بذات السلاح، ولكن في الاتجاه المعاكس أي بالكلمة الصادقة التي تبني وتُعمِّر وترفع الأمة إلى مصاف الدول العظيمة في أخلاقها وقيمها وعدل قوانينها، ويظل الكاتب والإعلامي هو أداة التحقيق، لذلك تقع على عاتقه أمانة عظيمة لزم عليه الحفاظ عليها وإستخدامها بِشرف ومباديء واخلاق سامية .
وقد جسَّد الكاتب عبدالرحمن الشرقاوي معنى الكلمة قبل 50 عامًا عبر مسرحيته الشعرية “الحُسين ثائرًا” والتي قال فيها
اتعرف ما معنى الكلمة؟
مفتاح الجنة في كلمة
دخول النار على كلمة
وقضاء الله هو الكلمة
الكلمة نور لوتعرف حرمة زاد مزخور
الكلمة نور
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري
الكلمة فرقان بين نبي وبغي
بالكلمة تنكشف الغمة
الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة
عيسى ما كان سوى كلمة
أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم ..
الكلمة زلزلت الظالم
الكلمة حصن الحرية
إن الكلمة مسؤولية.. إن الرجل هو الكلمة.. شرف الرجل هو الكلمة..