حركات مسلحة جديدة .. تعقيدات الحل السلمي وتخوفات من حرب أهلية

القوس / آمنة حسن
الحرب التي اقتربت من عامها الثاني لم تفلح كل الجهود الإقليمية والدولية في ايقافها، بل زادت تعقيداتها بظهور تكتلات سياسية ومجموعات عسكرية كان آخرها حركة تحرير الجزيرة التي تم الإعلان عنها أمس الأول بهدف حماية مواطن الجزيرة التي يتعرض لمختلف الانتهاكات من جانب قوات الدعم السريع ، وفي الإقليم الشرقي ارتفعت حدة التوترات إلى مداها بين الحركات الدارفورية والمجموعات القبلية المسلحة وصل مطالبات بالطرد، وهذا ما فتح باب الأسئلة، هل دخلت البلاد مرحلة الحرب الأهلية؟ وهل أصبحت كل منطقة أو ولاية مسؤولة عن حماية أهلها بشكل خاص؟؟؟
13 مجموعة في العام
قبل يومين أعلنت حركة تحرير الجزيرة عن نفسها عبر فيديو مسجل بهدف حماية المواطنين في بقية قرى الإقليم، وبهذا إرتفع عدد المجموعات المسلحة التي ظهرت خلال العام 2024 إلى 13 مجموعة، كما يشهد الإقليم الشرقي توترات بين الحركات المسلحة الدارفورية والمجموعات القبلية المسلحة وصل إلى المطالبة بخروج الأولى والتهديد بإغلاق الإقليم من جانب تيار الشباب البجاوي.
الجدير بالذكر أن تكاثر الحركات المسلحة في السودان من المعضلات الأساسية التي خصمت من الجيش واقعدت الدولة، وكان لنظام الإنقاذ السابق الذنب الأكبر في تزايد هذه الحركات من خلال المساهمة في إنشقاقاتها لاضعافها تارة، واشراكها في الحكم تارة أخرى، وليس الدعم السريع الذي يخوض حرب الطاحنة الآن ضد الجيش ببعيد، فقد كان أحد المجموعات المسلحة التي تم تكوينها لمحاربة الحركات الأخرى في دارفور .
تهيئة الميدان
وتعليقًا على هذا الموضوع قال الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد محمد الهادي محمود، لموقع القوس اونلاين، نعم المشهد ينبيء بحرب أهلية كارثية والآن الميدان جاهز ، حيث ظهرت حركة مسلحة في الجزيرة للدفاع عن أرضها وأهلها وهذا ما كنا نحذر منه، وشرق السودان ليس على صفيح ساخن وإنما انفجرت القنبلة الهيدروجينية بكل تعقيداته وظهور عدد من الحركات المسلحة كل منها تحمل اجندتها الخاصة والخارجية وتعامل مع المخابرات الأجنبية، الآن الموقف بكل وضوح السودان على قمة فتيل حرب أهلية وذلك من منذ أن بدأت قوات الدعم السريع قتلها على أساس الهوية وماحدث لأهلنا من المساليت والآن الرد موجه على الحواضن التي منها الدعم السريع الرد عبر طيران الجيش.
كل ذلك يشي بأن الميدان أصبح مهيئًا، واصلًا وقولًا وفعلًا السودان كان مهيئًا بخطاب الكراهية عبر التقسيم الكبير الذي حدث لاثنياته خلال ال ٣٠ سنه من نظام الانقاذ، واستخدام نظرية فرق تسد،وتم تخريب النسيج الاجتماعي كما لم يخرب نسيج دولة وتقسيم الأحزاب والمجتمعات وهي لم تكتمل مشروعها الوطني، ومع كل ذلك فإن طرفي الصراع مستمرين في القتال على رأس مَواطنينا وشعبنا الصابر الصامد.

اغراض سياسية
وقال عضو الهيئة المركزية بالحزب الشيوعي كمال كرار ل”القوس اونلاين ” هذه المليشيات الجديدة مصنوعة لاغراض سياسية، ظاهرها الاصطفاف مع الجيش،والنطق بلسان مناطق معينة مثل الجزيرة وباطنها منصة سياسية وافراد يبحثون عن موقع لهم في المعادلة السياسية .
انقلاب البرهان في حربه مع الجنجويد ارتكب مجموعة من الأخطاء المميتة فالدعوة للتسليح والقتال، فتحت الباب أمام ولادة مليشيات جديدة لها أهدافها البعيدة، وهي خارج سلطة الجيش وقادته، ولا يأتمرون بأمر الجيش بل تأخذ أوامرها من قادتها وتمارس ابتزاز القيادة العسكرية، لتحصل علي أقصي المكاسب .
ورغم أن افرادها قد لا يتعدى العشرات أو المئات لكنها ذات صوت عال اعلاميًا، ومع هذا فالسودان لن ينجر لحرب أهلية لأن الغالبية من سكانه ضد الحرب، وفي ذات الوقت فإن هذه المليشيات لن تضع سلاحها حتي وإن انتهت الحرب، وقد تصبح عصابات مسلحة تهدد استقرار الدولة القادمة .
وأكد كرار أن المسؤولية يتحملها من دعا لحمل السلاح واعترف بالمليشيات، وهو يكرر نفس منهج صنع الدعم السريع فيما مضي، وان لم تنتبه قيادة الجيش لهذا الأمر فستدفع الثمن قريبًا جدًا .
وأضاف أعتقد أن الحرب في نهاياتها، وكثرة المليشيات نفسها دليل علي أنها تود استباق وقف الحرب للدخول في معادلة ما بعد الحرب .

حالة ظرفية
وقال استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د/راشد محمد علي الشيخ ل”القوس اونلاين” إن إعلان حركة مسلحة في ولاية الجزيرة لأن المواطن هناك تعرض لانتهاكات جسيمة وفظائع يندي لها الجبين، ليبقى هذا التحرك موسوم بحالة ظرفية متعلقة بالجزيرة وماتعرض له مواطنيها،
أما بورتسودان لا أعتقد من العقل أن ينتقل فيروس الحرب لأي منطقة في السودان، وبطبيعة الحال الصراع على السلطة والموارد في السودان صراع قديم متجذر وضرب باعماقه النخب السياسية وبالتالي يصبح الافتراض المنطقي أن الناس تتعقل في حالة التعامل مع الثروة والسلطة والموارد في السودان.
لكن السؤال المباشر هو من يدعم حالة التشظي في السودان ليصل إلى هذه المرحلة أو مرحلة الحرب الأهلية، الإجابة أنه لايوجد مواطن سوداني من مصلحته أن تصل الدولة لهذه المرحلة، ثانيًا الأمر متعلق بحالة الصراع الاستراتيجي وصراع الموارد على الدولة من الخارج وانعاكاساته على الأوضاع السياسية المتأزمة مسبقًا مضاف إليها الحرب الآن. كل هذه المركبات والتعقيدات تقود إلى نتيجة مفادها أن الدولة عليها حالة صراع من الخارج فبالتالي مفروض أن تتعامل مع البنية الظرفية مع المكون المتعلق بالصراع بالتصفير ، والوصول إلى نموذج الدولة الآمن أو الدولة الذكية لتنهي حالة الصراعات الداخلية وتبني دولة ذات مؤسسات.
لذلك يجب أن نوصد الأبواب التي يمكن أن تكون مجلبة لحالة الصراع في السودان.
