مؤامرة احتلال الجزيرة … رائحة الموت تفوح من الخضراء

كتب / م . الأمين
كانت هذه المناطق من أهدأ وأكثر المناطق أمنًا بالعالم والآن أصبحت المكان الأكثر رعبًا في العالم انتشر التوحش في كل أماكنها ورجع الإنسان فيها إلى حياة الغاب الأولى، القوي الذي يحمل السلاح يقتل وينهب ويغتصب الضعيف الذي لم يتحوط لمثل هذا اليوم، البقاء فيها اصبح للأكثر توحشًا وغلًا وحقدًا، وإذا كان الجنجويد يمارسون الآن أكبر عملية تصفية وإبادة في تاريخ الجزيرة فهناك جيشًا كان واجبه حماية هولاء المواطنين والزود عنهم والموت من أجلهم ولكن خاب الفال وقل الرجاء بانسحاب الجيش من كل الولاية، وزاد الأمر سوءًا بحملات تحريض المدنين العزل الابرياء للسعي لحتفهم وذلك ببث سموم الدعاية القبلية والدفع في اتجاه الحرب الأهلية الشاملة التي تسعى إليها جهات معروفة منذ أمد بعيد.
الحرب تخطت حدود المأساة وأصبحت خارج حدود التوصيف فجريمة مثل قتل الناس بدم بارد وتمزيق الأحشاء وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث وقتل الأطفال وإغتصاب النساء وقتلهن تكاد أن تصبح أمرًا عاديًا يتداوله الناس في الوسائط الأمر الذي سوف يؤدي إلى انتشاره كثقافة عامة بين الناس بعد أن أصبح لوثة أصابت الكثير من المواطنين السودانيين في الداخل والخارج.
نطالب بتدخل دولي عااااجل لإنقاذ ما تبقى من إنسان الجزيرة والسودان وانقاذ ما تبقي من كرامة الإنسان في هذه البلاد المستباحة .
ما حدث في ولاية الجزيرة مؤامرة حيكت بكل خبث من قبل أطراف عديدة متناقضة ولكن يجمع بينها لؤمها وخبثها ونظرتها الاستعلائية لإنسان الجزيرة الذي يتميز واقعه بالسلام والهدوء و تفرغه للإنتاج الزراعي وغيره وحوجته الماسة للأمن والاستقرار ،وقد بدأت المؤامرة منذ السماح لقوات الدعم السريع بدخول مدينة مدني حاضرة ولاية الجزيرة من قبل الجيش دون إطلاق رصاصة واحدة بل قبل ذلك حينما ذهب قائد الجيش إلى مدني وأعلن عن استعداد ثلاثة وأربعون ألف مستنفر لتحرير ولاية الخرطوم من التمرد حسب قوله. ويتجلي خبث ولؤم هذه المؤامرة من خلال الإهمال المتعمد وعدم اهتمام قادة الطرفين المتقاتلين بحياة إنسان الجزيرة البسيط المغلوب علي أمره، بل ودفعه للقتال ضد قوات الدعم السريع التي لم تكذب خبرًا وأطلقت لقواتها العنان في القتل والتنكيل بحياة هذا الإنسان الرخيص في نظرهم و الذي لا يمثل أي وزن أو ثمن .
والسؤال المحوري لكشف ابعاد تلك المؤامرة هو:-
لماذا نقل قائد الجيش الحرب إلى ولاية الجزيرة؟ الاجابة حسب الخبراء والمحللين حتي يخفف الضغط على ولايات أخرى أو ولاية الخرطوم بشكل محدد، أما قوات الدعم السريع فقد استباحت مناطق جنوب وغرب الجزيرة تحت ذريعة أن هناك من يقاوم انتهاكاتهم التي يندى لها الجبين وهو العذر الاقبح من الذنب.
من جانب آخر فإن قصة استسلام كيكل الذي كان يقود قوات الدعم السريع التي سيطرت علي ولاية الجزيرة وانحيازه للجيش ومن ثم التداعيات التي صاحبت ذلك الاستسلام من تجييش للمواطنين وتحريض للمدنيين للقتال ضد قوات متمرسة ومدربة وتملك كل هذا العتاد والأسلحة المتطورة ضد المواطن المستنفر الذي لا يملك إلا بندقية وأسلحة لا يمكن أبدًا مقارنتها مع سلاح قوات الدعم السريع فذلك يعتبر في حد ذاته جريمة لا تغتفر تماثل الجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المواطنين العزل.
إذن كان استسلام كيكل وبال علي سكان قرى شرق ولاية الجزيرة وتسبب في قتل وإصابة وتهجير عدد كبير من أهلنا هناك، وهذا الأمر لا ينفصل أبدًا عن عبثية الحرب التي لا تستند على أي مسوغ أخلاقي أو أهداف وطنية وإنما تعكس عمق الروح الشريرة داخل الطرفين المتصارعين على السلطة والثروة في السودان.
إذن إنسان الجزيرة دفع ولايزال يدفع ثمن وتكلفة تصفية الحسابات بين الطرفين المتقاتلين دون ذنب جناه فهو مطلوب منه الدفاع عن نفسه وعرضه ضد قوة غاشمة لا يهم أفرادها إلا القتل والسلب والنهب والاغتصاب وارتكاب كل الموبقات التي يرتكبها الإنسان المتوحش ضد أخيه الإنسان في الغاب الذي نعيش فيه الآن، ومطلوب منه أن يحل محل الجيش للدفاع عن الأرض والعرض دون تسليح كافي ودون مساندة أو مساعدة من الجيش.
وأيضا مطلوب منه أن يصارع صعاب وعذابات الحرب من أجل النجاة بجلده وأبنائه من الخطر الجاثم علي صدره وذلك بالنزوح مئات الكيلومترات علي قدميه أو علي الدواب للهروب من حجيم الحرب .
هذه الحرب أوضحت لنا بجلاء كل خيوط المؤامرة التي حيكت ضد إنسان السودان وبالذات إنسان الجزيرة وأغلب ولايات السودان، لذلك تظل الدعوة إلى ايقافها أمرًا حتميًا بل فرضاً وطنياً وإنسانيًا. وإلا فإننا نطالب بدخول قوات دولية تنقذ الشعب السوداني من القتل والسحل الذي يحدث له كل يوم وكل ساعة بل كل دقيقة .