أ/عثمان العاقب يكتب : المجرم الجبان

القوس اونلاين
في مقطعٍ صادم، يقف أحد أفراد العدو ليحكي جريمته بكل هدوء، وكأنه يروي واقعةً يومية لا تثير داخله أي تأنيب ضمير. اقتحم منزلًا، أرهب امرأةً لا حول لها ولا قوة، نهب مدخرات عمرها، ثم حين لم يجد ما يروي غروره الدموي، قرر أن يقتل طفلتها أمام عينيها، بكل بساطة، بكل تجرد . وحين صرخت الأم المفجوعة، لم يحتمل صوتها، لم يتحمل أن يرى آثار جريمته ترتسم على ملامحها المنكسرة، فقرر إسكاتها إلى الأبد، ليضيف جريمة أخرى إلى سجل جرائمه، وكأن الأرواح عنده لا قيمة لها، وكأن صرخة الأم على ابنتها ذنبٌ يستوجب العقاب.
هذه الجريمة ليست مجرد حادثة فردية، بل صورة متكررة لواقعٍ يزداد قسوةً يومًا بعد يوم. ما الذي يجعل قاتلًا كهذا يتحدث عن جريمته بكل جرأة؟ إنها الثقة بأن العدالة غائبة، وأنه لن يحاسَب. في غياب القانون، يصبح القتل سلاحًا لفرض السيطرة، وتتحول أرواح الأبرياء إلى وقودٍ لحربٍ لا تبقي ولا تذر.
لكن، ما لا يفهمه هؤلاء المجرمون هو أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت. هذه الجرائم تُوثَّق، تُحفظ، وتظل شاهدًا على وحشية العدو. إن لم يكن القصاص في محكمة اليوم، ففي محكمة الغد، وإن لم يكن أمام قضاة الأرض، فهناك قضاء لا يفلت منه أحد.
وسط هذا الظلام، يبقى الأمل هو سلاحنا الأخير. الأمل في أن تُعاد للعدالة هيبتها، أن يتوقف هذا النزيف، أن يُحاسَب المجرمون، وأن يعود الوطن لأهله قريبا بإذن الله .