محمد الأمين يكتب : حلاوة العودة من الترحال

القوس اونلاين
الحمد لله رجعنا الي مدني ووجدناها تنعم بالعافية ….
ووجدنا أن المدينة عادت إليها الحياة بعد أن عاشت أياما صعبة…الناس مقبلين على الحياة رغم الآلام والمعاناة التي عاشوها هنا …. ولكن هناك طاقة إيجابية تسري بينهم وتدفعهم في اتجاه تطبيب الجراح وتخفيف الآلام وذلك بإعادة الاعمار وإصلاح ما دمرته الحرب في كل المجالات.
عودة الناس إلى بيوتها ستكون بمثابة قبلة الحياة لكل مدن السودان التي عاشت تحت وطأة الحرب وسيطرة الدعم السريع…..عودة الناس ستكون استئناف للزراعة والصناعة والتعليم والامن والرعاية الصحية والأسواق ….على الناس تشمير سواعدهم لكسر عين الشيطان والبداية …..فقط البداية وبعد ذلك ستنجز الأعمال بقوة الدفع الذاتي والمعنوي ولن يقف عائق أمام الارادة الإنسانية.
رجعت امس ومن شدة فرحي لم اشعر بتعب الرحلة الطويلة التي تفوق الالف كلم من مدينة دنقلا إلى مدينة ودمدني والتي عانينا فيها من الرهق والتعب ….وفي لحظة حضورنا حضر التيار الكهربائي معنا في معظم حينا فكان حضورنا مظهر من مظاهر الاحتفاء.
حقيقة شعرت بأن هم كبير انزاح عن كاهلي لأني رجعت لجذوري و ناسي وأهلي واصحابي وعزوتي وتيرابي .
وطبعا سحر المكان كان طاغي على مشاعري… الشوارع الأشجار البيوت والمدارس والمساجد و دور الأندية الرياضية والمركز الصحي في جزيرة الفيل الخ … كأني أرى تلك الأماكن لأول مرة فقد كانت معالم ترتبط في ذاكرتي بطبيعة الحياة في الحي العتيق …
عند خروجي من المدينة كنت في غاية الاكتئاب للحالة المزرية التي وصلت إليها المدينة ووصفتها بأنها أصبحت مثل مدينة الأشباح التي تشعر فيها بالوحشة والانقباض من حجم الفراغ العريض الذي يطويها والصمت المريع وحركة الناس المحدودة لذلك افتقدت الروح وغابت عنها الحيوية ولفها الصمت وحاصرها الظلام وفتك بها الغزاة.
حمداً لله على سلامة عودة المدن في وسط السودان ونتمنى أن تعود بقية المدن إلى حضن الوطن بعد أن تتوقف هذه الحرب اللعينة لنستعيد حياتنا التي افتقدنا إليها خلال سنتين من العمر.