ايصال المساعدات الإنسانية.. عقبات وعراقيل في ظل إستمرار إطلاق النار

 

تقرير : آمنة حسن

يعاني الشعب السوداني من أزمة مركبة شملت الجوع والمرض والنزوح، هي تداعيات الحرب بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م ودخلت على إثرها البلاد في دوامة لم تفلح كل جهود الحل السلمي عبر جلسات التفاوض في إيقافها، بداية من جدة والمنامة وأخيرًا جنيف التي أقرت فتح معبري أدري والدبة لدخول المساعدات الإنسانية وإنقاذ المتضررين، يأتي ذلك في ظل إستمرار المعارك بين طرفي الحرب،مما قد يتسبب في عرقلة الوصول للمحتاجين وتقديم المعونات لهم .

غياب أحد الطرفين
فكان أول سؤال بعد جنيف هو لماذا لم يفلح المجتمعين في إيقاف إطلاق النار وأقروا إدخال المساعدات الإنسانية في ظل ظروف صعبة وعراقيل تحول دون ايصال هذه المعونات، أفادنا في الموضوع محمد الهادي محمود الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد في حديثه لصحيفة القوس، بأن مفاوضات جنيف سارت في إتجاه غير ما كان متوقع له وذلك لعدم حضور جانب القوات المسلحة السودانية وكانت الفرصة متاحة في جدة عبر الإجتماع الذي ذهب إليه وفد من حكومة الأمر الواقع لتقديم تفاهمات مع الأمريكان حتى يتسنى لهم حضور جنيف ولكن حدثت المطاولات والمجادلات ولم يصلوا إلى حل وتم الإتفاق على إجتماع آخر في القاهرة وأيضا لم يكلل بالنجاح، كل هذه الأحداث أدت إلى التغيير في أجندة إجتماع جنيف ومن بينها بند وقف إطلاق النار لأنه يحتاج إلى وجود الجانبين المتقاتلين وما يشمله من تفاصيل دقيقة.
فكان الإتفاق من الذين حضروا وإجتمعوا هناك (المجتمع الدولي الأوروبي والإتحاد الأفريقي والإيقاد والأمم المتحدة والسعودية وأمريكا والإمارات) كلهم إتفقوا على ان هذه الحرب كانت من أصعب الحروب في المنطقة لذلك لابد من تقديم الإغاثة العاجلة بسبب الجوع الذي أصبح يهدد السودانيين وفعليًا الآن وصل جزء كبير من الإغاثة من خلال تصريح المبعوث الأمريكي وتم إسقاط لبعض المناطق، لكن ذلك لا يكفي لأن الكارثه كبيرة والحوجة أكبر، خاصة بعد كارثة السيول والأمطار، لذلك كانت الأولوية للعملية الإنسانية.
وبالنسبة للحديث عن أن هذه المعابر قد تشكل ثغرات أقول ان الحرب الآن لها سنة ونصف ظلت فيها الحدود مفتوحة والدعم السريع يقاتل وينتصر طوال هذه الفترة الطويلة،فهم ليسوا في حاجة إلى إستخدام طرق الإغاثة.

تحديث المنبر
وقال عبدالمنعم ابوالقاسم القاش لصحيفة القوس وهو عضو اللجنة التنظيمية بتنسيقية لجان مقاومة الخرطوم شمال، أولاً لا بد أن نعي أن منبر جنيف ومحاوره هو صورة محدثة لمنبري جدة والمنامة ومحاولة قوية لإخراجهما من دوامة الجمود التي لازمت مخرجاتهما مع إضافة مراقبين مهمين لمجموعة الميسرين والوسطاء وهو عبارة عن إحياء لإتفاق سابق في جدة لم ينفذ( بعدة حجج من الجانبين لاتمت لموضوع إغاثة المدنيين بشئ وتوضح ان الطرفان يستخدمان سلاح الجوع ) تم فيه إقرار فتح المعابر وايصال المساعدات مما تطلب وجود منبر جديد بنفس الأجندة يضغط في نفس الإتجاه ولكن بمستوى تمثيل أعلى من الوساطة لتحقيق الضغط القوي المطلوب (المنبر برعاية وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ) فالوسطاء والميسرين لم يعد في إمكانهم الصبر على أي أجندة سياسية تعطل الإغاثة في ظل تفاقم الوضع الإنساني والإعلان عن حزمة كوارث جديدة ( المجاعة والسيول والوبائيات ) مما توجب معه التركيز على المساعدات الإنسانية إولاً كاستجابة سريعة للسيطرة على الوضع في السودان.
والكل لم يعد يحتمل لا الضحايا ولادول الإقليم التي أصلاً تعاني ولا الدول الغربية التي تخاف موجات جديدة كبيرة من الهجرة وكذلك أمريكا المتخمة بمشاكل مزمنة مثل غزة واوكرانيا ورأي عام داخلي يمقت الحروب فالكل سيطاله سقوط السودان الذي ستتسبب فيه المجاعة قبل أن تفعل الحرب .
(ما يحدث هو عملية تأخير سقوط بلد إستراتيجي وتفككه بسبب المجاعة والنجاح فيها ربما سيتيح مزيداً من الوقت للذهاب لمفاوضات أوسع لوقف إطلاق النار).

ضبط الحدود
وقال القاش أن عملية ايصال المساعدات ستنجح نجاح جزئي فقط في وجود ممرات آمنه وآلية مراقبه مشددة وليس بفتح المعابر فقط، فكلنا يذكر شريان الحياة (يام حرب الجنوب الذي اوصل بعض المعونه ولكن ليس كل المعونه وعانى الكثير من المشاكل والإخفاقات وساهم في إطالة أمد الحرب بصورة او بأخرى رغم أنه كان يتعامل مع قضية وجغرافيا أصغر بكثير من قضيتنا اليوم.
ولا أعتقد أن فتح المعابر تحت آلية رقابة جيدة سيسمح بدخول أي شئ غير المساعدات، أما عن إمداد الدعم السريع بالسلاح والعتاد فذلك أمر لم يعاني منه الأخير حتى الآن مما يشير بوضوح لعدم حاجته لإدخال الأسلحة عبر معابر الإغاثة، إضافة إلى أنه يستخدم معابر حدودية لا توجد عليها رقابة من أي نوع، لأن السودان بلد مترامي الأطراف في ظل ضعف شديد في ضبط الحدود.

جهود وطنية
لم تتوقف المنظمات السودانية المحلية والجمعيات التطوعية التي تجتهد بشكل مستمر في تقديم العون للمتضررين من الحرب بداية من مراكز تقديم الطعام والكساء نهاية بالمجموعات التي عملت على التواصل مع طرفي الحرب لتسهيل ايصال المساعدات الإنسانية، ومن بينها التي مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان”، والتي عقدت اجتماعها الأسبوعي يوم الخميس الماضي الموافق 5 سبتمبر 2024م افتراضيًا، أصدرت عقبه بيانًا أوضحت فيه استمراراها بالتركيز على توسيع الوصول الإنساني الطارئ واحترام القانون الإنساني الدولي، حيث وصل في الأسبوع الماضي ما يقدر بـ 3114 طنًا متريًا من الإمدادات إلى حوالي 300 ألف شخص في دارفور نتيجة لجهود المجموعة والعمل الشجاع والدؤوب للعاملين الإنسانيين على الأرض.
وقالت المجموعة إنها مستمرة في التفاعل مع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بهدف توسيع نطاق وصول المساعدات عبر الطرق من بورتسودان عبر شندي إلى الخرطوم، وكذلك الطرق من الخرطوم إلى الأبيض وكوستي، بما في ذلك عبر سنار.
ودعت المجموعة الأطراف السودانية إلى فتح معابر حدودية إضافية، بما في ذلك معبر أويل من جنوب السودان، مع تأكيدها بأنها مستمرة في الضغط على القوات المسلحة السودانية لإعلان وتنفيذ نظام إشعار مبسط، وتنفيذ قوات الدعم السريع له بالكامل، من أجل تبسيط الحواجز البيروقراطية المرهقة التي تكلف أرواح السودانيين كل يوم، مع مواجهة أكثر من 25 مليون شخص للجوع والمجاعة الحادين، مؤكدةً بأن الإشعار يجب أن يكون كافيًا للسماح بتحرك الشحنات الإنسانية في السودان، منوهةً بإصدار قوات الدعم السريع توجيه جديد إلى جميع القوات بشأن حماية المدنيين، وتدعم تعهدها بالمساءلة، وستراقب التنفيذ عن كثب.

وعليه تظل التحديات قائمة أمام ايصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين مع إستمرار إطلاق النار والمعارك التي تدور بكثافة في عدد من المناطق، فهل تفلح جهود المجتمع الدولي والمنظمات والمجموعات داخل السودان في تجاوز كل الصعوبات ومن ثم إغاثة ما يقرب من ٢٥ مليون شخص بحسب منظمة الأمم المتحدة.